1. سمسمه

    سمسمه New Member

    الاتي من غبش الزمن الغابر , قصة قصيرة , Short story

    الاتي من غبش الزمن الغابر

    قصة قصيرة

    بقلم

    احمد حمزة طمبل

    اهداء لعشاق الادب

    من زوار

    منتديات

    رسالة حب

    الترفيهيه


    من وراء النافذة الزجاجية كنت ارقب المشهد ، كالقزم ، يظهر الولد الصغير من بطن الحجرة المظلمة ، دافعاً امامه مائدة صغيرة . يقترب ببطء ، ثم يختفي فجأه ... كـأن الارض قد ابتلعته . يضع يديه النحيفتين علي حافة النافذة ، مقاوماً الجازبية الارضية يصعد برأسه شيئاً فشيئاً ... عندها تبدوا ملامح وجهه اكثر وضوحاً . لا يتجاوز الثمانية ربيعاً ، شاحب الوجه ، اسود العينين ، تعلو شفتيه ابتسامة لا تفارقه . يمسح الشارع هنا وهناك بعيون لاتهدأ ، احياناً يرتكز بكوع يده اليمني على حافة النافذة ... واضعاً ذقنه وخده في حضن كفه ... كعجوز تجتر ذكريات المساءات البعيدة . احياناً اخري وعندما يلفت انتباهه شيء ما يمد رأسه من فضاء النافذة ، ويظل يتبعه بشغف شديد ، وقد يبالغ فى هذا الامر حتى انه يتكأ بكلتا يديه علي حافة النافذة مائلاً بصدرة الى الامام . عندها يستبد بي القلق ، اضرب فضاء الغرفة بيدي ، اكاد ان اصرخ . ولكنه وفي نفس اللحظة يلتفت الى الوراء مرتبكاً ..... كأن صوتاً ما يأتيه من الداخل محذراً ، يعود فيتضاءل كمان كان . لحظات ويغوص برأسه الي الاسفل صاحباً يديه معه ، يظهر في وسط الحجرة ، ثم يختفي في الظلام . يظل المشد يتكرر بين الفينه والفينه . ولكن ... وما ان تدق الساعة معلنة تمام الثالثة بعد الظهر حتي يتبدل الحال ، يمد رأسه الصغير من بين فضاء النافذة ، مسدداً بصره بشغف ناحية اليمين ، تارة يشرئب بعنقه الي الاعلي ، وتارة يحرك رأسه الصغير في غير انتظام ، وكأنه يصنع لبصرة دروباً ملتوية بين الاجساد والاشياء . فجأه ... تبتسم عيناه وتنفرج اسارير وجهه ، يسحب رأسه من فضاء النافذة ، يغلقها ورائه ويختفي خلف الخشب . اما هو فيترأى من علي البعد كشبح انبثق من غبش الزمن الغابر , او كشخصية مبهمة سقطت من بين دفتي كتاب قديم . عملاق ... يتأرجح في مشيته كبندول الساعة ، عيونه غائرة .... كأنها تعبت وتريد ان ترتاح في مؤخرة رأسه ، اخاديد وجهه حادة غائرة غير منتظمة . فمه عارى عن الاسنان الا من واحده في مقدمه فمه رفضت الرحيل ... ربما لاتريد ان تغادر الا معه . يرتدي جلباب طويل ... كالح اللون ، اردفه بمعطف قصير ... مترب ... مرتق في غير مكان ، فوق المعطف بقايا عمامة تحيط برقبته من الخلف وتتدلي علي صدره من الجانبين . يسرع من خطواته المهتزة ... ينتزع نفسه من اتون الزحام ... تاركاً ورائه زرات غبار ، عبارات استهجان ، وشفاه مزمومة . يخلع معطفه المهلهل ويفرشه اسفل النافذة ، يقتعد الارض فوقه ماداً قدميه ، حذاءه المهتريء ... ينفر منه نصف اصبع او يزيد . هي لحظات ويمرق الولد الصغير من فم البناية حاملاً صحن بيد وبالاخرى رغيفين ، يمد العجوز يديه النحيفتين ويلتقطهما . بعد ان يأتي علي كل ما في الصحن ، يمد لسانه ويلعق اصابعه قبل ان يلويه الي اعلي ويسحبه الي داخل فمه ، يتبقي جزء من رغيف يمسحه باصابعه ثم يسقطه فى جيب جلبابه . يفرك كفيه ، يمرر كل منهما علي الاخر ، ثم يرفعهما الي الاعلي شاخصاً ببصره نحو السماء . يكون الولد الصغير قد عاد حاملاً كوباً من الماء ، ينهض ببطء ، ينفض التراب عن معطفه ويلقي به علي منكبيه ، يرتشف الماء الذي ينساب بعض منه علي صدره وينزلق حتي يلامس جلبابه ، يربت على رأس الولد الصغير ، الذي يتسلقه بعينيه من اسفل الي اعلي ، عندما تتلاقي اعينهما ، يتمتم العملاق بكلمات غير مفهومة ، يخرج بعض الحلوي من جيبه ويدسها في يد الولد الصغير ، قبل ان يعطيه ظهرة ويمضي الي حال سبيله . يظل يتبعه بعينيه الصغيرتين حتى يختفي عن نظره ... او يغيبه زحام . اليوم ... مر شهر او يزيد علي رحيل الولد الصغير ، ولكن العملاق ... الأتي من غبش الزمن الغابر ، وما ان تدق الساعة معلنة الثالثة عصراً ، حتي يأتي من بعيد ، يفرش معطفه اسفل النافذة ويجلس فوقه ، يظل لفترة قد تطول او تقصر يوزع نظرات الترقب بين النافذة الموصده ومدخل البناية ، قبل ان يلملم نظرات اليأس ويقف ببطء ، ينفض التراب عن معطفه ، يلقيه علي منكبيه ، وعلي غير ماكان يفعل فيما مضي ، يعود من حيث اتي .


    [/CENTER]
    [/CENTER]
     
  2. جاري تحميل الصفحة...


  3. رد: الاتي من غبش الزمن الغابر 2024 , قصة قصيرة 2024 , Short story 2024

    يعطيكم العافية على هى القصص