1. سمسمه

    سمسمه New Member

    الاتي من غبش الزمن الغابر 2025 - قصة الاتي من غبش الزمن الغابر 2025 - Coming from a bygone time blurring 2025

    الاتي من غبش الزمن الغابر 2025 - قصة الاتي من غبش الزمن الغابر 2025 - Coming from a bygone time blurring 2025

    اهلا وسهلا بكم على ارض موقع ومنتديات

    رسالة حب

    جايبالو النهارده قصه روعه

    للكاتب الرائع

    ا\ احمد حمزة طمبل

    الاتي من غبش الزمن الغابر

    قصة قصيرة احمد حمزة طمبل

    من وراء النافذة الزجاجية كنت ارقب المشهد ، كالقزم ، يظهر الولد الصغير من بطن الحجرة المظلمة ، دافعاً امامه مائدة صغيرة . يقترب ببطء ، ثم يختفي فجأه ... كـأن الارض قد ابتلعته . يضع يديه النحيفتين علي حافة النافذة ، مقاوماً الجازبية الارضية يصعد برأسه شيئاً فشيئاً ... عندها تبدوا ملامح وجهه اكثر وضوحاً . لا يتجاوز الثمانية ربيعاً ، شاحب الوجه ، اسود العينين ، تعلو شفتيه ابتسامة لا تفارقه . يمسح الشارع هنا وهناك بعيون لاتهدأ ، احياناً يرتكز بكوع يده اليمني على حافة النافذة ... واضعاً ذقنه وخده في حضن كفه ... كعجوز تجتر ذكريات المساءات البعيدة . احياناً اخري وعندما يلفت انتباهه شيء ما يمد رأسه من فضاء النافذة ، ويظل يتبعه بشغف شديد ، وقد يبالغ فى هذا الامر حتى انه يتكأ بكلتا يديه علي حافة النافذة مائلاً بصدرة الى الامام . عندها يستبد بي القلق ، اضرب فضاء الغرفة بيدي ، اكاد ان اصرخ . ولكنه وفي نفس اللحظة يلتفت الى الوراء مرتبكاً ..... كأن صوتاً ما يأتيه من الداخل محذراً ، يعود فيتضاءل كمان كان . لحظات ويغوص برأسه الي الاسفل صاحباً يديه معه ، يظهر في وسط الحجرة ، ثم يختفي في الظلام . يظل المشد يتكرر بين الفينه والفينه . ولكن ... وما ان تدق الساعة معلنة تمام الثالثة بعد الظهر حتي يتبدل الحال ، يمد رأسه الصغير من بين فضاء النافذة ، مسدداً بصره بشغف ناحية اليمين ، تارة يشرئب بعنقه الي الاعلي ، وتارة يحرك رأسه الصغير في غير انتظام ، وكأنه يصنع لبصرة دروباً ملتوية بين الاجساد والاشياء . فجأه ... تبتسم عيناه وتنفرج اسارير وجهه ، يسحب رأسه من فضاء النافذة ، يغلقها ورائه ويختفي خلف الخشب . اما هو فيترأى من علي البعد كشبح انبثق من غبش الزمن الغابر , او كشخصية مبهمة سقطت من بين دفتي كتاب قديم . عملاق ... يتأرجح في مشيته كبندول الساعة ، عيونه غائرة .... كأنها تعبت وتريد ان ترتاح في مؤخرة رأسه ، اخاديد وجهه حادة غائرة غير منتظمة . فمه عارى عن الاسنان الا من واحده في مقدمه فمه رفضت الرحيل ... ربما لاتريد ان تغادر الا معه . يرتدي جلباب طويل ... كالح اللون ، اردفه بمعطف قصير ... مترب ... مرتق في غير مكان ، فوق المعطف بقايا عمامة تحيط برقبته من الخلف وتتدلي علي صدره من الجانبين . يسرع من خطواته المهتزة ... ينتزع نفسه من اتون الزحام ... تاركاً ورائه زرات غبار ، عبارات استهجان ، وشفاه مزمومة . يخلع معطفه المهلهل ويفرشه اسفل النافذة ، يقتعد الارض فوقه ماداً قدميه ، حذاءه المهتريء ... ينفر منه نصف اصبع او يزيد . هي لحظات ويمرق الولد الصغير من فم البناية حاملاً صحن بيد وبالاخرى رغيفين ، يمد العجوز يديه النحيفتين ويلتقطهما . بعد ان يأتي علي كل ما في الصحن ، يمد لسانه ويلعق اصابعه قبل ان يلويه الي اعلي ويسحبه الي داخل فمه ، يتبقي جزء من رغيف يمسحه باصابعه ثم يسقطه فى جيب جلبابه . يفرك كفيه ، يمرر كل منهما علي الاخر ، ثم يرفعهما الي الاعلي شاخصاً ببصره نحو السماء . يكون الولد الصغير قد عاد حاملاً كوباً من الماء ، ينهض ببطء ، ينفض التراب عن معطفه ويلقي به علي منكبيه ، يرتشف الماء الذي ينساب بعض منه علي صدره وينزلق حتي يلامس جلبابه ، يربت على رأس الولد الصغير ، الذي يتسلقه بعينيه من اسفل الي اعلي ، عندما تتلاقي اعينهما ، يتمتم العملاق بكلمات غير مفهومة ، يخرج بعض الحلوي من جيبه ويدسها في يد الولد الصغير ، قبل ان يعطيه ظهرة ويمضي الي حال سبيله . يظل يتبعه بعينيه الصغيرتين حتى يختفي عن نظره ... او يغيبه زحام . اليوم ... مر شهر او يزيد علي رحيل الولد الصغير ، ولكن العملاق ... الأتي من غبش الزمن الغابر ، وما ان تدق الساعة معلنة الثالثة عصراً ، حتي يأتي من بعيد ، يفرش معطفه اسفل النافذة ويجلس فوقه ، يظل لفترة قد تطول او تقصر يوزع نظرات الترقب بين النافذة الموصده ومدخل البناية ، قبل ان يلملم نظرات اليأس ويقف ببطء ، ينفض التراب عن معطفه ، يلقيه علي منكبيه ، وعلي غير ماكان يفعل فيما مضي ، يعود من حيث اتي .
     
  2. جاري تحميل الصفحة...