السؤال ما حكم الذي لم يتزوج هل حرام الجواب النكاح من العبادة ، بل هو من أفضل العبادات عند الرغبة فيه والقدرة عليه ، حتى صرح أهل العلم - رحمهم الله - بأن النكاح مع الشهوة أفضل من نوافل العبادة . وثبت في السنة النبوية الصحيحة الحث على الزواج والترغيب في النكاح ، وجاءت بذلك شواهد الكتاب والسنة المتكاثرة ، وذلك لما في الزواج من فضيلة ظاهرة ومحاسن كثيرة . وهو من سنن الأنبياء والرسل -صلوات الله وسلامه عليهم – فلقد كان لهم أزواج وذرية . وأما حديث أنس – رضي الله عنه – الذي في البخاري (5063) ومسلم (1401) : (فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي ) لا يصلح أن يكون دليلاً على ذم العزوبة وترك الزواج مطلقًا ، إلا إذا ترك الزواج رهبانية وتقربًا إلى الله بهذا الترك ، وظنًا أن العزَب أفضل من المتزوج ، فحينئذ يشمله هذا الحديث ، ويكون ممن تبرأ منهم النبي -صلى الله عليه وسلم - . يقول الحافظ ابن حجر - رحمه الله - في "فتح الباري" (9/105-106) : " المراد بـ "السنة" الطريقة ، لا التي تقابل الفرض ، والرغبة عن الشيء الإعراض عنه إلى غيره ، والمراد : مَن ترك طريقتي وأخذ بطريقة غيري فليس مني ، ولمح بذلك إلى طريق الرهبانية ، فإنهم الذين ابتدعوا التشديد كما وصفهم الله تعالى ، وقد عابهم بأنهم ما وَفَوْهُ بما التزموه ، وطريقة النبي - صلى الله عليه وسلم - الحنيفية السمحة ، فيفطر ليتقوى على الصوم ، وينام ليتقوى على القيام ، ويتزوج لكسر الشهوة وإعفاف النفس وتكثير النسل . وقوله : ( فليس مني ) إن كانت الرغبة بضرب من التأويل يعذر صاحبه فيه ، فمعنى " فليس مني " أي : على طريقتي ، ولا يلزم أن يخرج عن الملة . وإن كان إعراضًا وتنطعًا يفضي إلى اعتقاد صحة عمله فمعنى ( فليس مني ) : ليس على ملتي ؛ لأن اعتقاد ذلك نوع من الكفر . وفي الحديث دلالة على فضل النكاح والترغيب فيه " انتهى . وبالجملة فإن ترك الزواج خلاف الأولى لمن لم يخش الزنا، فإن خشيه كان في تركه معصية إذا كان قادرًا عليه . فالزواج ليس واجبًا في الأصل إلا إذا وجد الإنسان القدرة عليه وخشي بتركه الوقوع في الفاحشة . والله تعالى أعلم