1. قصص قرآنيه من سورة يوسف ، اسلاميات 2024

    {وَقَالَ ٱلْمَلِكُ ٱئْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَآءَهُ ٱلرَّسُولُ قَالَٱرْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ ٱلنِّسْوَةِ ٱللاَّتِيقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ }[يوسف: 50]

    ومعنى ذلك أن الساقي ذهب إلى مجلس الملك مباشرة، ونقل له تأويل الرُّؤيا،وأصرَّ الملك أنْ يأتوا له بهذا الرجل؛ فقد اقتنع بأنه يجب الاستفادة منه؛وعاد الساقي ليُخرِج يوسف من السجن الذي هو فيه.

    لكنه فُوجِيء برفض يوسف للخروج من السجن، وقوله لمن جاء يصحبه إلى مجلس الملك:

    {ٱرْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ ٱلنِّسْوَةِ ٱللاَّتِيقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ } [يوسف: 50].

    وهكذا حرص يوسف على ألاَّ يستجيب لمَنْ جاء يُخلِّصه من عذاب السجن الذيهو فيه؛ إلا إذا برئتْ ساحته براءةً يعرفها الملك؛ فقد يكون من المحتملأنهم ستروها عن أذن الملك.

    وأراد يوسف عليه السلام بذلك أن يُحقق المَلِك في ذلك الأمر مع هؤلاء النسوة اللاتي قَطَّعْنَ أيديهن؛ ودَعَوْنَهُ إلى الفحشاء.

    واكتفى يوسف بالإشارة إلى ذلك بقوله:

    { إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ } [يوسف: 50].

    ويُخفي هذا القول في طيَّاته ما قالته النسوة من قبل ليوسف بضرورة طاعة امرأة العزيز في طلبها للفحشاء.

    وهكذا نجد القصص القرآني وهو يعطينا العِبْرة التي تخدمنا في واقع الحياة؛فليست تلك القصص للتسلية، بل هي للعبرة التي تخدمنا في قضايا الحياة.

    وبراءة ساحة أي إنسان هو أمر مُهِمٌ؛ كي تزول أيُّ ريبة من الإنسان قبل أن يُسند إليه أي عمل.

    وهكذا طلب يوسف عليه السلام إبراء ساحته، حتى لا يَقُولَنَّ قائل في وشاية أو إشاعة " همزاً أو لَمْزاً ":
    أليس هذا يوسف صاحب الحكاية مع امرأة العزيز، وهو مَنْ راودته عن نفسه؟

    وها هو رسولنا صلى الله عليه وسلم يقول:

    " عجبت لصبر أخي يوسف وكرمه ـ والله يغفر له ـ حيث أُرْسِل إليه ليُستفتىفي الرؤيا، وإن كنت أنا لم أفعل حتى أخرج، وعجبت من صبره وكرمه ـ واللهيغفر له ـ أُتِي ليخرج فلم يخرج حتى أخبرهم بعذره، ولو كنت أنا لبادرتالباب، ولكنه أحب أن يكون له العذر ".

    وشاء نبينا صلى الله عليه وسلم أن يُوضِّح لنا مكانة يوسف من الصبر وعزة النفس والنزاهة والكرامة فقال صلى الله عليه وسلم:

    " إن الكريم، ابن الكريم، ابن الكريم، ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحقبن إبراهيم. قال ـ لو لبثتُ في السجن ما لبثَ، ثم جاءني الرسول أجبتُ ثمقرأ صلى الله عليه وسلم-:

    { فَلَمَّا جَآءَهُ ٱلرَّسُولُ قَالَ ٱرْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ فَاسْأَلْهُمَا بَالُ ٱلنِّسْوَةِ ٱللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ.. } [يوسف: 50]".

    وهكذا بيَّنَ لنا الرسول صلى الله عليه وسلم مكانة يوسف من الصبروالنزاهة، وخشيته أن يخرج من السجن فَيُشَار إليه: هذا مَنْ راود امرأةسيده.

    وفي قول الرسول صلى الله عليه وسلم إشارة إلى مبالغة يوسف في ذلك الأمر، وكان من الأحوط أن يخرج من السجن، ثم يعمل على كشف براءته.

    ومعنى ذلك أن الكريم لا يستغل المواقف استغلالاً أحمق، بل يأخذ كل موقفبقدْره ويُرتِّب له؛ وكان يوسف واثقاً من براءته، ولكنه أراد ألاَّ يكونالملك آخر مَنْ يعلم.

    وصدق رسولنا صلى الله عليه وسلم حين قال:

    " دَعْ ما يَرِيبُك إلى ما لا يَرِيبك، فإن الصدقَ طُمأنينة، وإن الكذبَ ريبة ".

    وكان صلى الله عليه وسلم يرى أن الإيمان بالله يقتضي ألاَّ يقف المؤمنموقفَ الرِّيبة؛ لأن بعض الناس حين يَرَوْنَ نَابِهاً، قد تثير الغيرةُ مننباهته البعضَ؛ فيتقوَّلون عليه.

    لذلك فعليك أن تحتاطَ لنفسك؛ بألاَّ تقف موقف الرِّيبة، والأمر الذي تأتيك منه الرِّيبة؛ عليك أن تبتعد عنه.

    ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة،

    " فقد جاءته زَوْجه صفية بن حُيي تزوره وهو معتكف في العشر الأواخر من رمضان، فتحدثت عنده ساعة من العشاء، ثم قامتْ تنقلب ـ

    أي: تعود إلى حجرتها ـ فقام معها رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذابلغت باب المسجد الذي عند مسكن أم سلمة زوج رسول الله صلى الله صلى اللهعليه وسلم، مرّ بهما رجلان من الأنصار فسلَّما على رسول الله صلى اللهعليه وسلم ثم نفذا،

    فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: " على رِسْلكما، إنما هي صفية بنت حُيي.

    قالا: سبحان الله يا رسول الله، وكبر عليهما ما قال.

    قال: إن الشيطان يجري من ابن آدم مبلغ الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما ".

    وهنا في الموقف الذي نتناوله بالخواطر، نجد الملك وهو يستدعي النسوةاللاتي قطَّعن أيديهن، ورَاودْنَ يوسف عن نفسه، وهو ما يذكره الحق سبحانه:{ قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ... }.​
     
  2. جاري تحميل الصفحة...