1. akram_doo

    akram_doo New Member

    وجاءت العشر






    هاهي العشر الأواخر من رمضان على الأبواب ،
    ها هي خلاصة رمضان ،و زبدة رمضان ، و تاج رمضان قد قدمت .

    فيا ترى كيف نستقبلها ؟
    لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخص هذه العشر الأواخر بعدة أعمال .


    ففي الصحيحين من حديث عائشة :
    ( كان رسول الله إذا دخلت العشر شد مئزره و أحيا ليله و أيقظ أهله )
    و لفظ لمسلم : ( أحيا ليله و أيقظ أهله )

    و لها عند مسلم : ( كان رسول الله يجتهد في العشر ما لا يجتهد غي غيرها )

    و لها في الصحيحين : ( أن النبي كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله ).

    و في الصحيحين من حديث أبي هريرة :
    ( نهى رسول الله عن الوصال في الصوم فقال له رجل من المسلمين :

    إنك تواصل يا رسول الله ؟
    قال : و أيكم مثلي إني أبيت عند ربي يطعمني و يسقيني ).


    فمن هذه الأحاديث نرى أن النبي كان يجتهد بالأعمال التالية :
    1- أيقاظ أهله : و ما ذاك إلا شفقة و رحمة بهم حتى لا يفوتهم هذا الخير في هذه الليالي العشر .

    2- إحياء الليل : فإنه إذا كان رمضان كان يقوم و ينام ،
    حتى إذا ما دخلت العشر الأواخر أحيا الليل كله أو جله ،
    فقد أخرج أصحاب السنن بإسناد صحيح من حديث أبي ذر رضي الله عنه :
    (صمنا مع رسول الله في رمضان فلم يقم بنا شيئا منه حتى بقي سبع ليال ،
    فقام بنا السابعة حتى مضى نحو من ثلث الليل ،
    ثم كانت التي تليها ... حتى كانت الثالثة فجمع أهله
    و اجتمع الناس فقام حتى خشينا الفلاح .
    فقلت : و ما الفلاح ؟ قال : السحور .

    3- شد المئزر : و المراد به اعتزال النساء كما فسره سفيان الثوري و غيره .

    4- الاعتكاف : و هو لزوم المسجد للعبادة و تفريغ القلب للتفكر و الاعتبار .

    5- الوصال : وهو أنه صلى الله عليه و سلم كان لا يأكل شيئا أبدا لمدة أيام
    وهذا من خصائصه
    .ففي الصحيحين من حديث ابن عمر أن رسول الله واصل في رمضان

    فواصل الناس فنهاهم ، فقيل : إنك تواصل ،
    فقال : ((إني لست مثلكم إني أُطعم و أُسقى)) ،
    ولهما من حديث أبي هريرة (( و أيكم مثلي ، إني أبيت يطعمني ربي و يسقيني))

    و عند مسلم من حديث أنس (( أن النبي نهاهم عن الوصال فأبوا أن ينتهوا ،
    واصل بهم يوما ثم يوما ثم رأوا اللهال
    فقال : ( لو تأخر لزتكم ) كالمنكل لهم .

    وفي لفظ عند مسلم (( لو مد الشهر لواصلنا وصالا يدع المتعمقون تعمقهم ..))

    فمن هذه الأحاديث نعلم أن الرسول كان يواصل الصيام في العشر الأواخر
    بدليل أنهم رأوا اللهال و هذا لا يكون إلا في آخر الشهر .
    وأيضا شدة حرص الصحابة على الإقتداء به .
    وأيضا أن المراد بالإطعام و السقاء ليس هو طعام وسقاء حقيقي
    (( بل المراد ما يغذيه الله لنبيه من معارف و ما يفيض على قلبه
    من لذة مناجاته و قرة عينه بقربه و تنعمه بحبه و الشوق إليه

    و توابع ذلك من الأحوال التي هي غذاء القلب و نعيم الروح
    و قرة العين و بهجة النفوس و الروح و القلب
    بما هو أعظم غذاء و أجوده و أنفعه
    حتى يغني عن غذاء الأجسام مدة من الزمن

    و كما قيل
    لها أحاديث من ذكرك تشغلها *** عن الشراب و تلهيها عن الزاد
    لها بوجهك نور تستضيء به *** و من حديثك في أعقابها حادي
    إذا شكت من كلال السير أوعدها *** روح القدوم فتحيا عند ميعاد


    و من له أدنى تجربة و شوق يعلم استغناء الجسم بغذاء القلب و الروح
    عن كثير من الغذاء الحيواني ،
    و لا سيما المسرور الفرحان الظافر بمطلوبه الذي قرت عينه بمحبوبه ،
    و تنعم بقربه ، و الرضى عنه ، و ألطاف محبوبه و هداياه
    و تحفه تصل إليه كل وقت ، ومحبوبه حفي به ،
    معتنٍ بأمره ، مكرم له غاية الإكرام مع المحبة التامة له ،
    أفليس في هذا أعظم غذاء لهذا المحب ؟


    فكيف بالحبيب الذي لا أجل منه و أعظم ،
    و لا أجمل و لا أكمل و لا أعظم إحسانا إذا امتلأ قلب المحب بحبه ،
    و ملك حبه جميع أجزاء قلبه و جوارحه و تمكن حبه منه أعظم تمكن ،
    وهذا حاله مع حبيبه ، أفليس هذا المحب عند حبيبه يطعمه و يسقيه ليلا و نهارا ؟
    و لهذا قال (( إني أظل عند ربي يطعمني و يسقيني ))
    و لو كان ذلك طعاما و شرابا للفم ، لما كان صائما فضلا عن كونه مواصلا )) اهـ .

    كلام ابن القيم من الزاد


    ترى أيه الأحبة : لماذا يفعل رسول الله كل هذا ؟
    إنه يطلب تلك الليلة الزاهية ، تلك الليلة البهية ، ليلة القدر ،
    ليلة نزول القرآن ، ليلة خير من ألف شهر .
    نعم إنها ليلة القدر : التي من قامها إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه
    (كما في البخاري من حديث أبي هريرة ).

    إنها ليلة القدر التي إن وفقت لقيامها كتب لك كأنك عبدت الله أكثر من ( 83 ) عاما .

    إنها ليلة القدر : ليلة عتق و مباهاة ، وخدم و مناجاة ، و قربة و مصافاة .


    وآه لنا أن فاتتنا هذه الليلة .
    وا حسرتاه إن فاتتنا ليلة القدر .
    و كيف لا يتحسر من قد فاتته المغفرة ،
    من فاته عبادة أكثر من ثلاث و ثمانين عاما ،
    إن من تفوته فهو المحروم ، وهو المطرود .

    عند ابن ماجة ( قال في صحيح الترغيب و الترهيب : حسن )
    ( إن هذا الشهر قد حضركم فيه ليلة خير من ألف شهر ،
    من حرمها فقد حرم الخير كله ، ولا يحرم خيرها إلا محروم )


    إنها ليلة القدر
    التي كان رسولنا يحث الصحابة على التماسها حثا شديدا .
    أيه الأحبة :
    إن إدراك ليلة القدر- و الله - لهو أمر سهل – على من سهل الله عليه –
    و ما ذاك ألا بأن نقوم العشر الأواخر كلها و بهذا نضمن إدراك ليلة القدر بإذن الله .


    أيها الأحبة :
    أن قيام الليل هو دأب الصالحين و شعار المتقين و تاج الزاهدين ،
    كم وردت فيه من آيات و أحاديث ،
    وكم ذكرت فيه من فضائل ،
    فكيف إذا كان في رمضان ، وفي العشر الأواخر منه حيث ليلة القدر .


    ماذا فاته من فاته قيام الليل ،
    أما لكم همة تنافسون الحسن و الفضيل و سفيان .
    أما لكم همة كهمة التابعي أبي إدريس الخولاني

    حيث كان يقوم حتى تتورم قدماها و يقول :
    و الله لننافسن أصحاب محمد على محمد صلى الله عليه وسلم
    و حتى يعلموا أنهم خلفوا ورآهم رجالا .



    يا أيها الراقد كم ترقد *** قم يا حبيبا قد دنا الموعد
    و خذ من الليل و ساعاته *** حظا إذا هجع الرقد
    من نام حتى ينقي ليله *** لم يبلغ المنزل أو يجهد
    قل لذوي الألباب أهل التقى *** قنطرة العرض لكم موعد


    آه يا مسكين لو رأيت أقواما تركوا لذيذ النوم
    ففازوا بليلة القدر فهم في قبورهم منعمين ،
    وغدا بين الحور العين جذلين ، وفي الجنان مخلدين .

    آه لو رأيت من ترك قيام الليل ،
    فهو في قبره ما بين حسرة و لوعة .
    يا عبد الله اهجر فراشك ، فإن الفرش غدا أمامك


    اهجر فراشك جوف الليل و ارم به *** ففي القبور إذا فوافيتها فرش
    ما شئت إن شئتها فرشا مرقشة *** أو رمضة فوقها السمومة الرقُشُ( الأفاعي )
    هذا ينام قرير العين نائما *** و ذا عليه سخين العين ينتهش
    شتان بينهما وبين حالهما *** هل يستوي الري في الأحشاء و العطش
    قاموا و نمنا و كل في تقلبه *** لنفسه جاهدا يسعى و يجتوش
    ألئك الناس إن عد الكرام فهم *** و إن ترد دبشا فنحن ذا دبش

    فيا عبد الله
    إن أردت لحاق السادة ، فاترك مخاللة الوسادة .


    يا ثقيل النوم : أما تنبهت ، الجنة فوقك تزخرف ،
    و النار تحتك توقد ، و القبر إلى جنبك يحفر ،
    و لربما يكون الكفن قد جهز .


    يا عبد الله :
    أمامك الجواهر و الدرر، أمامك ليلة القدر ،
    فعلام تضيع الأعمار في الطين و المدر .


    يا طويل النوم :
    بادر قبل أن يفوتك ( تتجافى جنوبهم )
    فتأتي يوم القيامة فلا تجد
    ( فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين ).


    فيا أخي : و الله أن العمر كله قصير ، فكيف بعشر ليال .
    آلا تستحق ليلة القدر أن نضحي من أجلها بعشر ليال فقط .

    غدا يا عبد الله عندما يوفى الناس أعمالهم تحمد قيامك و صيامك .
    غدا يا عبد الله تفرح بتهجدك و صلاتك ، حين يتحسر أهل الغفلة .
    اللهم إنا نسأل أن تجعلنا من من يوفق قيام لليلة القدر و أنت أكرم الأكرم .
     
  2. جاري تحميل الصفحة...


  3. ahmedmansour

    ahmedmansour Guest

    شكرا على الموضوع مفيد جدا ومنتظريين المزيد
     
الوسوم: