1. حياه الروح

    حياه الروح New Member

    images?q=tbn:ANd9GcTDUi-Xz7XAJxan1Y9OFH4jTpx2LTZGka6upr9stsKFUJn_FCkedg.jpg

    أولا- الأمن الغذائي والتغذوي على نطاق الأسرة

    1- يعد رفع مستويات التغذية من صميم اختصاصات المنظمة التي سعت منذ نشأتها إلى المساعدة على إقامة عالم متحرر من الجوع وسوء التغذية. وفي مؤتمر القمة العالمي للأغذية الذي عقد عام 1996، أعاد قادة 185 بلدا التأكيد على التزام حكوماتهم بتحقيق هذه الغاية وتكريس جهودهم لتنفيذ خطة العمل العالمية للتغذية التــي اعـتمدها المؤتمر الدولي المعني بالتغذية في عام 1992. كما تعهدوا بخفض عدد من يعانون من نقص الأغذية المزمن في العالم إلى نصف مستواه في موعد أقصاه عام 2024.
    2- والتحدي الذي يشكله الوفاء بهذه الالتزامات في إقليم الشرق الأدنى هو تحد فريد. فالتباين في مشكلات التغذية لا يعد تباينا صارخا بنفس القدر في أي اقليم آخر من أقاليم العالم. وتشمل حالة التغذية في هذا الإقليم طائفة المشكلات التغذوية بدءا بنقص التغذية وانتهاء بالافراط فى التغذية ومرورا بمشكلات واسعة النطاق تتصل بنقص العناصر الغذائية الدقيقة. وتواجه بلدان كثيرة تحديا مزدوجا يتمثل في التعرف على الأسر التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي ومساعدتها على تحقيق مستوى تغذوى سليم من جهة، والترويج للنظم الغذائية السليمة، وأنماط الحياة الصحية، وتعزيز الأمن الغذائي لمجمل السكان من جهة أخرى.
    3- ويعتبر تحسين الأمن الغذائي الأسري العنصر الرئيسي في الاستراتيجيات الرامية إلى الحد من نقص التغذية المنتشر على نطاق واسع. ويتمثل الأمن الغذائي الأسري بحكم التعريف في "قدرة الأسرة على أن تؤمن، إما عن طريق انتاجها الخاص وإما عن طريق مشترياتها، أغذية تكفي لتلبية الاحتياجات التغذوية لأفرادها" (منظمة الأغذية والزراعة/منظمة الصحة العالمية، 1992). ويعني هذا في الممارسة العملية أن الأسر التي تعتبر "آمنة غذائيا" يجب أن تضمن فرص الحصول على مدار العام على أغذية مأمونة بالمقادير والأنواع اللازمة لتلبية الاحتياجات التغذوية لكل فرد من أفرادها.
    4- وقد اعتمدت عدة بلدان في إقليم الشرق الأدنى سياسات وبرامج معينة لضمان الأمن الغذائي الأسري. ونفذ في عدد من البلدان برامج مثل دعم السلع الغذائية الأساسية، ولاسيما الدقيق (الخبز)، والسكر، والزيت، ثم الأرز في حالات معينة. ونظرا لأن برامج الدعم هذه تكون مكلفة عادة وتنطوي في أحيان كثيرة على استيراد سلع غذائية، ولا تشكل بالضرورة أكثر السبل فعالية للوصول إلى الفئات السكانية التي تحتاج الى الدعم، فإن الحكومات تنفذ الآن برامج تغذوية موجهة خصيصا لفئات بعينها. ومن ذلك مثلا أن دعم الخبز الأسمر (الذي يعد أرقى تغذويا لاحتوائه على مستويات أعلى من الفيتامينات والمعادن والألياف) لصالح الأسر متوسطة ومنخفضة الدخل، وعدم دعم الخبز الأبيض الذي تستهلكه أساسا الأسر مرتفعة الدخل، يعد سبيلا أكثر فعالية وأقل تكلفة لتلبية الاحتياجات التغذوية للأسر التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي. كما تعتبر الحصص التموينية الغذائية وقسائم الأغذية من الأمثلة الأخرى للبرامج الموجهة التي تنفذ لتحسين الأمن الغذائي والتغذوي للأسر منخفضة الدخل.
    5- وفي بعض البلدان، تنفذ برامج للتدخل التغذوي، مثل برامج التغذية المدرسية للأطفال في المناطق الريفية والحضرية. وتنطوي هذه البرامج، إلى جانب تلبيتها لاحتياجات تغذوية معينة، على ميزة إضافية هي تشجيع الالتحاق بالمدارس والانتظام في الدراسة وتقليل معدلات الانقطاع عن التعليم. وتنفذ برامج أخرى لزيادة انتاج واستهلاك الأغذية اللازمة للوجبات المتوازنة والمغذية، وذلك من خلال تشجيع الحدائق المنزلية والمدرسية.
    6- وتعاني فئات معينة من السكان داخل الإقليم من نقص بعض العناصر الغذائية مثل اليود في مناطق جغرافية معينة؛ ونقص الحديد وخاصة بين الأمهات والأطفال؛ ونقص فيتامين ألف في الفئات السكانية التي لا تستهلك مقادير كافية من الفاكهة والخضر. وبغية التغلب على حالة النقص هذه، تتخذ عدة حكومات إجراءات لإثراء ملح الطعام باليود، وتزويد الأمهات الحوامل والمرضعات بأغذية تكميلية تحتوي على الحديد. وبالإضافة إلى ذلك، يشجع عدد من الحكومات انتاج واستهلاك وجبات غذائية متنوعة من أجل تلبية الاحتياجات التغذوية لجميع أفراد الأسرة.

    7- ولكن يتبين أيضا من ملاحظات سجلت في أنحاء شتى من العالم، أن الأمن الغذائي للسكان (أي فرص حصولهم من الناحيتين المادية والاقتصادية على أغذية تحتوي على عناصر غذائية كافية) لا يترجم بصورة آلية إلى تمتعهم بمستوى تغذوي سليم. فالاضطرابات التغذوية، بما فيها نقص التغذية، لا تختفي بالضرورة بمجرد تحقيق الأمن الغذائي. ففضلا عن التمتع بفرص الحصول على أغذية مأمونة ووافية تغذويا، يجب أن يتمتع السكان بما يلي:

    • معارف ومهارات كافية تتيح لهم اقتناء وإعداد واستهلاك وجبات وافية تغذويا، بما فيها الوجبات اللازمة لتلبية احتياجات صغار الأطفال؛
    • فرص الانتفاع بالخدمات الصحية وببيئة صحية لضمان الاستخدام البيولوجي الفعال للأغذية المستهلكة؛
    • الوقت والدافع اللازمان لاستخدام مواردهم على الوجه الأمثل من أجل توفير الرعاية الأسرية الكافية واتباع الممارسات الغذائية السليمة.

    8- ومن ثم فإن الحالة التغذوية الفعلية للفرد يحددها عدد من العوامل المتشابكة ليس الأمن الغذائي إلا عاملا واحدا منها فحسب. لذا يستخدم مصطلح "الأمن التغذوي" لوصف الظروف التي تتوافر فيها فرص الانتفاع بجميع العوامل الغذائية والصحية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية اللازمة للتمتع بمستوى تغذوي سليم ضمن السياق الثقافي المناسب. وقد تم التأكيد على قضية الأمن الغذائي والتغذوي الأسري في كل من المؤتمر الدولي المعني بالتغذية ومؤتمر القمة العالمي للأغذية، وكذلك في عدد من الاجتماعات القطرية والإقليمية التي عقدت في الشرق الأدنى. لذا ستركز هذه الوثيقة بقدر أكبر على التوعية التغذوية وتعميق وعي المستهلكين، وهو عنصر هام في ضمان الأمن الغذائي والتغذوي على نطاق الأسرة.


    ثانيا - دور التوعية التغذوية



    9- توفر التوعية التغذوية مهارات حياتية أساسية وتستهدف غرس وتعزيز أنماط غذائية سليمة في سياق اجتماعي واقتصادي محدد. وقد ترمي هذه التوعية إلى توفير معارف ومهارات كافية لمساعدة السكان علــى إنتاج وشراء وتجهيز وإعداد وتناول الأغذية التي يحتاجون اليها هم وأسرهم لاشباع احتياجاتهم التغذوية. ويتطلب هذا، من الناحية الأساسية، الإلمام بالمكونات الغذائية التى تشكل طعاما مغذيا، وبخير السبل التي يستطيع بها السكان إشباع احتياجاتهم التغذوية من الموارد المتاحة.
    10- إن القدرة على إجراء اختيارات غذائية سديدة أمر يتسم بأهمية فائقة في الحالات التي يكون فيها توافر الأغذية محدودا والتى يتطلب فيها مستوى الدخل توزيعا حصيفا لموارد الأسرة الضئيلة. ولكن المقدرة على إجراء اختيارات غذائية ملائمة ما زالت، كما يتضح فى كثير من مشكلات الصحة العامة في عديد من البلدان الأكثر ثراء، يعد أمرا هاما حتى عندما لا يمثل توافر الأغذية أو فرص الحصول عليها أية مشكلة.
    11- وفي كلتا الحالتين يمكن أن تكون التوعية التغذوية مفيدة في مساعدة السكان على اتباع نظم غذائية أكثر صحة، وفي تحسين مستوى تغذيتهم. كما أن بوسعها أن توفر معرفة كافية وأن تشجع وتساعد على غرس الثقة في نفوس السكان بشأن قدرتهم على الاختيار السديد. ولما كان النظام الغذائي المتبع ونقص النشاط البدني قد تم ربطهما بعدد من الأمراض الشائعة غير المعدية في جميع أنحاء العالم، فإن التوعية التغذوية ينبغي أن تشمل أيضا توجيهات بشأن أساليب الحياة الصحية، وبشأن النشاط البدني بوجه خاص.

    اخيرا - الاستنتاجات


    يندرج الإطار الذي تمت الدعوة إليه هنا ضمن نموذج لتحسين التغذية والصحة، وهو يوسع نطاق الأمن الغذائي الأسري والتوعية التغذوية ليشمل برامج لتحسين الصحة بالإضافة إلى برامج للحد من عوامل الخطر. وينقل هذا الإطار، عن طريق التوصية بمراعاة مؤشرات الصحة الاجتماعية للمجموعات السكانية الفرعية بمراعاة العوامل الوبائية أيضا، الأمن الغذائي الأسري نحو التركيز على السكان والصحة والمستوى التغذوي السليم.
    وهذا التغيير في موطن التركيز يتطلب من مخطط البرامج النظر في عدم الاقتصار على أنشطة الاتصال، وفى إدراج استراتيجيات مصممة لتوفير دعم بيئي وتنظيمي لإحدات التغيير في السلوك على مستوى الأسرة. كما ينقل منهج الأطر والقطاعات الرئيسية موطن التركيز صوب تهيئة بيئات مساندة لإحداث تغيير في السلوك. ومن شأن تحقيق تغييرات في المنظمات كي تكون أكثر مساندة للتحسينات التغذوية أن يؤدي أيضا إلى تقوية الإحساس بتبني قضايا التغذية، وزيادة احتمالات استمرار التغييرات الإيجابية.
    وتشهد بلدان كثيرة في إقليم الشرق الأدنى تغيرات اجتماعية واقتصادية سريعة، وبعض هذه التغييرات لها تأثير تغذوي سلبي على قطاعات معينة من السكان. وليس بوسع التوعية التغذوية أن تقتصر على مجرد "تصحيح الأمور" بعد حدوث سوء التغذية، بل عليها أن تجد وسيلة لترويج وتعزيز التدابير الوقائية لضمان تمتع السكان جميعا بمستوى تغذوي سليم.
     
  2. جاري تحميل الصفحة...